السبت، 7 يوليو 2012

أغنيةُ للموت..والأغنياء..!


أغنيةُ للموت..والأغنياء..!

رقصةٌ داخلية:
"...ونادي :
أيها الموتُ . . تعالي إليّ
لألا أموتَ
لأشعرَ أنِّي
أطيلُ الحياةَ . .
ويا قلبُ قل للعابرينَ :
ـ توقفوا !,
ماذا أردتم..؟! ,أو ما تريدونَ..؟! ـ
وقف معهم علي ناصيةٍ صغيرةٍ
و أعلمهم أنَّ ـ الحياةَ هي الموتْ
وأنَّ الموتَ حياةْ ـ ...."
..  ..  ..
وهما ينضبانِ علي رصيفِ الموتْ
كَقُبَّرتينِ ..يكفكفانِ الدَّمعَ
ويمسحانِ الجوعَ عن قلبيهما
وينحدرانِ وراءَ التِّلالِ
السماويةِ اللونْ!.
يقتلانِ حلميهما (البيتُ ,والسريرُ الطِّفلُ ,كسرةُ الخبزِ ,وقطعةُ الشوكولا)
ويدٌ تُخَبِّأُ بؤسَ عينيها
كما يُخَبِّأُ الليلُ الموتْ
وأخري تُسَبِّحُ فوقَ رأسِ أخيها
وتمسحُ عنها غبارَ الفَقرِ
المُقَدَّسْ !
تغنِّي وتبكيْ !:
" يا أولادَ الزِّناءِ تعالوا . .
يا حرافيش الأرضِ . .
ضموا أخي إلي صدرِ أمِّي القتيلة !
ولا تتركوني عاريةً من الموتْ"
و ألفُ قطعةٍ بالية ,
(ألفُ جسدٍ ممزقْ
ألفينِ من الأيادي التي تَفَحَّمَتْ
و أَخَرَينِ من القصبِ الذي امتصوهُ
و ألفٌ من الجماجمْ . .
كحبةِ كرزِ علي مكمنِ عاهرة...
ويا أولادَ الفاجرة . .
لا تتركوا قلبي يذوي !
فلتقتلوني لأحيا...!"


عبدالرحمن ناصر.
السبت.
7/7/2012م.
05:10ص.



الخميس، 5 يوليو 2012

رسالة إلي فاطمة...4


انبثاقه:
صباحُ النَرجَسِ يا فاطمة ,مضطرٌ أن أقدِّمَ اعتذاري في كُلِّ مره ,فلم يتراضَ الطرفانِ علي تدخلي ,بل أقحمني أحدهما دونَ الأخر.فسامحيني.
لم تردي علي أيٍّ من رسائلي الثلاثِ السابقاتْ .لكنني أتفهمُ موقفكِ .مرتْ أكثرُ من عشرةِ أيامْ علي رسالتي الأخيرةِ إليكِ ,ولم تردي ولم يَثُبِ الرَّفِيقُ إلي عقله!

                          *****
لن أَتحدثَ كثيراً عن حبهِ لكِ وعشقهِ مشمِشِكْ ,فأنتِ أدري بذلِكَ مِنِّي يا فَاطِمة . وأنَا أعلمُ تَمَامَ العِلمِ أَنَّكِ لن تُدخلي أحدهم قَلبَكْ مرةً أخري ,فلستِ أنتِ من يدخل مثلَ تلكَ العلاقة المتطرفة ليخرجَ منها!.

فاطمة!لم يعدْ للرفيقِ مثوً غيرَ سريرهِ الضيِّقِ ومكتبتهِ الدافئة ,وأَنَا ورسائلنا التي نتبادلها!.
و هاكِ بعضاً منها:
قال:
"أَتعلمُ يا رفيقَ العُمرِ ما معني أَنْ يزولَ الأمانُ من حياتِكْ ,إِنَّنِي اشعرُ بالرغبةِ بالبكاءِ المريرِ لأجلِ هذا ,أنا أشعرُ بالخوفِ والقشعريرة! أبكي كثيراً ولا ينفعني البكاءْ ,أحياناً أتوقفُ عنه ,تعبتُ من هذا الطقسْ ,أصبحتُ أبكي والدموعُ تسيلُ علي خديّ دونَ شعورٍ وكأنني أتمثَّلُ قول ابن الرومي
"رحمهُ الله وغفر له":
بكاؤكما يشفِي وإن كَانَ لا يُجدي*** فَجُودَا فقدْ أودي نَظِيركُمَا عِندِي!.
وخَتَمَ رسالته بثلاثِ كلماتٍ كليلاتْ"إنني أحترقُ يا رَفِيقْ".
لن أقول لكِ أنني استطعتُ أن أردَّ عليه ,صدقاً يا فاطمة لقد قتلني.
لقد بكيتُ لأجلِ هذهِ الرسالة!.
يا فاطمة ,أقولُ لَكِ بصراحة , لا أتفهمُ كلّ هذا التأخير ,وهذا حبيبكِ معلقٌ بين السماءِ والأرضٍ يتعلقُ بريشةِ أملٍ لا تجئ!.
هلا قطعتِ الشَّكَّ باليَقِينْ ,لو انكِ أخذتِ قراراً لأرحتِ واستَرَحتِ.
بعثَ رسالةً أخري يحكي لي يومَ أَن تقابلتما ,يقول:
" لم أَكُنْ قد تحدثُتُ إليها قبل هذا اليومْ الدافئ ,ولم أكنْ قد رأيتها إلا لَمَماً ,كانتْ تثيرُ جنوني كلما مرَّتْ في مراتها العديدات التي رأيتها فيها .كُنتُ يافعاً ولا أعلمُ عن الحُبٍّ سوي أشعارَ عنترةَ وقيسُ ليلي وربما بعضاً من أشعارِ كثيرِ عزة!.

هذا اليومْ شعرتُ بشئٍ مختلفْ ,فنحنُ معاً في نفسِ المكانْ ,نعم اكتَظَّ المكانُ بالأهلِ والأصدقاءِ والهدايا ,حيثُ كان عيدُ الميلادْ ,لكنني كنتُ أشعرُ أنني وحدي معها.

طالت ليلتنا وافترقَ الجميعْ ,وهكذا الحياةُ لا تُجَمِّعُ إلا بقدرِ ما تُفَرِّقْ ,غير أنني الوحيدُ في تلكَ الليلة الذي انطوي علي سرٍّ مقدسْ ,هذا السِّرُ هو الذي لا يسعهُ مكانْ..هذا السِّرُ هو الحب.
أتدري ما معني الحُبِّ يا رفيقي..؟!"
أتبعَ هذهِ الرسالةَ بأخري ,يقولُ فيها:

"مُلتَفِتٌ لا يَصِلْ".
حاولتُ رداً يا فاطمة ,عَلِّي أهونُ عليهِ شيئاً ولو قليلاً ,فقلت:

"وما الذي يمنعهُ من الوصولِ والاختراقْ".
فردَّ برسالةٍ عبر هاتفهِ يقول:

"كثرةُ الحُجُبِ وتَلَبُّدُ الأسرارِ بغيومٍ علي غيوم ,طبقاتٍ فوقَ طبقات!".

" علي الطريقِ حتي تُكشَفُ الحُجُبُ وتستبينَ الأنوار وتنبلجَ الأسرارُ خبزاً مقدساً".

"وما الطريقُ وما الحُجُبْ , لو تبينتَ لزالتِ الحجبُ عن الحجبِ ولعلمتَ أَنَّ الطريقَ هُوَ أَوَّلُ حِجَاب!".

"وماذا إن وصلتَ وكَشَفتَ الستائِر".

"أكونُ قد فنيت ,وطالما فنيتُ فقدْ بَقِيتْ ".

"وما البقاءُ وما الفناء ,وما الطريقُ وما السَّفر؟!".

 "البَقَاءُ هو الفناءُ ,والفَنَاءُ هو البقاءْ ,فإن فنيتُ عنها فنيتُ فيها وبقيتُ فِيّ ,وإن بقيتُ فيها فنيتُ عَنِّي وبقيتُ فِيّ ,

و اَمَّا الطريقُ فهو أَوَّلُ الحُجُبِ وآخرها ,تَظَلُّ فيهِ مختاراً ـ وفي حالتي ـ لا تَصِلْ ,

وأَمَّا السفرُ فهو فناءُ الحَبِيبِ عن دارهِ و طُلَلِه و بقاءُ المُحِبِّ في حالَةُ وجدةٍ و مواجدِه ".

صدقاً لم أستَطِع أن أسأَلَ أكثر أو أتناقشَ في شئ ,كُنتُ أشعُرُ بجلالَةٍ تجاهه لا اعرفُ مصدرها ,وتَبَيَّنَ كما لم أرهُ من قبلْ.
وَكَأَنَّ شيئاً ما متجاوزاً حَلَّ فيه.
بعثَ برسالةٍ أخري يقولُ فيها :

"..وَمِن عجبٍ أَنَّ الدموعَ علي الروابي
والرفيقةُ كالسفينة في عبابي!.."

هكذا قالَ يا فاطمةُ فتدَبَّرِيْ.





عبدالرحمن ناصر.
الثلاثاء.
3/7/2012م.
09:06ص.


رسالة إلي فاطمة...3. رتوشٌ علي لوحةِ ذكرياتْ.



عندما تتفتحُ الجلنار
أراكِ تشرقينَ مع الفجرْ
أري سَهَرَ الليالي الحزينة
أري مطري الذي لم ينهمر علي غِصنِ زيتوني
أري النَّديْ ,
معلقاً علي ساقِ وردةٍ
كقصيدةٍ من المعلقاتِ السبعْ.
(2)
عندما يغلِقُ الفُقراءُ أبوابهم
مِنَ القَهرِ
ينهمرونَ كالسيلْ
إلي المرافي القديمة
يمثلونَ مسرحيةً عذراءْ
أري عُمري ..ينهمرُ فيها موجعاً . .
والموتْ ,
يُشرعُ ضائِعاً
علي الطرقاتْ
ونوافِذُ النَّوارِسُ لا تستقبِلنِيْ.
(3)
عندَمَا تغلِقينَ البَحرَ ليلاً
تَغرقُ السفنْ
علي ساحِلِ المنافِي
وتكتُمُ أجراسها
وتقتُلُ حراسها الشعراءْ
عندما توحِّدِيْنَ نافِذَةَ الحُلمِ
يَتَوَحَّدُ القَمَرْ
يَضيعُ في نجومِ السماءْ
وَتُطفأُ الأجراسْ
فلا حِضنَ يستَقبِلُ المَنْفِيّ..

                   *****
يا فاطمة ,هكذا غَنَّي حبيبكْ .طلب مني أن أبعثَ إليكِ نَصّه ,وقالَ أنكِ تحبينَ ما يكتُبُ دوماً.
حكي لي عن ليلةِ أمسْ حين بعثتِ رسالةً إليهِ تطلبينَ إليهِ أن يضبُطَ منبِّهَاً ليستيقِظَ علي وقتِ امتحانِهِ وأنَّكِ أنهيتِ الرسالةَ بكلمتينْ وحرفِ جَرّ"تُصبِحْ علي خيرْ"..وقالَ أنهُ بكي طويلاً حين قرء الرسالة.قالَ لي"شعرتُ بالعبثْ ,أنني لا أساوي شئ ,كأنني ورقةُ شجرٍ سقطتْ في الخريفْ".
قالَ لي أَنَّكِ حين كنتِ تغضبينَ منهُ كنتِ تتركينهُ بلا سلامْ ,لا تُتركينَ لهُ رسالة ,أما هذهِ المرة فأنتِ متعبةٌ ومنهكة ,ليس فقط الغضب ما يحرككْ ,إنما الحزنُ والبكاءْ ,أثقلتكِ أفكارهُ و مواجده ,أثقلكِ تحررهُ من كُلِّ شئْ ,وتحررهُ من التحررِ ذاته.
قالَ أَنَّكِ كنتِ تحاولينَ تحليلَ مواقفهُ وحياته ,لكنكِ اعترفتِ له بالفشل ذاتَ ليلةٍ وأنتِ تبكينْ ,قال أيضاً أنهُ لم يكن يقصدُ أيَّ إيذاءٍ لكِ ,وكانَ يقولْ"كيفَ لي أن أغضبها وهي ملاكي الذي نزلَ علي من السماءْ"..لكنهُ يعترفُ لي أنهُ أرعنْ ,قال لي"مشكلتي الكبرى في رعونتي".
قال أيضاً أَنَّكِ كُنتِ تباركينهُ في كل ليلة ,تهاتفينهُ علي عجلٍ عندما تَدُقُّ الثانيةَ عشر ,وبكي كثيراً حين أتتهُ تلك  الرسالة بدلَ صوتِكِ الدافئْ.
يا فاطمة ,أرجو منكِ أن تأخذي وقتَاً كافياً لتستريحي ,فأنا أعلمُ أن لا جَفنَ يرقَأُ لَكِ إلا حِينَ يرقَأُ جفنه ,وأرجو ألا يدفعني كي أكتُبَ رسائِلَ أخري ,لكنهُ مقهورْ ,حسبَ تعبيره.
عبدالرحمن ناصر.
26/6/2012م.
12:27م.