الثلاثاء، 30 أكتوبر 2012

علي الهامش . .



 تبدو الكتابة عمليةُ استنزاف,ربما المتعة هي التي تجعلني أقرء,ولا أجد متعتي   ـ علي الأقلّ الآن ـ سوي في الشعر والروايات,بعيداً عن كتب الفلسفة الغارقة وكتب الفكر المُتعَبَه.
"المياة كلها بلونِ الغرق"يحدثنا سيوران .
تبدو اللغةُ متعبةٌ أكثر من اللزوم ,في لغةٍ كلغتنا الفضفاضه ,يضيعُ المعني ويكتسبُ المجازُ صورتهُ الزائفة!
.. .. .. ..

ربما للشاعرِ خصوصيةٌ ما,لذلك قالت العرب"المعني في بطنِ الشاعر".قرأتُ لأحدِ الفلاسفة أن الناقدين ينطلقونَ من خارجِ الشاعرِ إلي داخله,بينما الشعر من داخلِ الشاعرِ إلي خارجه/لغته ,ولهذا يفشلون في استكناهِ حقيقةَ ما يقصدُ الشاعر.

تتقاربُ الرواياتُ من الشعرِ في نفسِ المنطقة ,فلا تحكم علي أحدهم بظاهر اللفظ,فربما خانتهُ اللغة وربما خانكَ فهمك,وربما لا قيمةَ أصلاً لكلٍّ هذا,فاللغةُ فضفاضةٌ أكثر ن اللزوم .
.. .. .. ..

تبدو تلكَ الأسئلة ,كما الأسئلة الوجودية ساذجة وميته ولزجه ,لكنني لا أسألهُ لنفسي كسؤال وجودي,لا أعرفُ لماذا أسأل؟ . .

يبدو كلُّ شئٍ بلونٍ واحد كما قالَ سيوران ,أحياناً أتوقفُ أمامَ قطعةِ الشوكولا أو حتي مشروب ساخن ,وأسألُ نفسي :هل هو مهم أن أشرب..؟! في النهاية تنتهي الاجابات بأحد شيئين:
أن أقول أن هذا سيمتعني ولهذا فهو ذو فائدة كبيرة,إذ أن أهمية الحياة في أن يتمتع الإنسان,طالما أن متعته لن تؤذي!
أو أقول أن هذا مما لا يفيد,وكم وقفتُ أمام أشياءَ جميلة لأسئل هذا السؤال الحقير,وفي النهاية تختلف الإجابات!
.. .. .. ..

هل لكلٍّ الأسئلة إجابات..؟!
يبدو السؤالُ مقيتاً أيضاً ولستُ أنا سائلة,ولكن يبدو لي اللهُ كسؤالٍ بلا إجابة!
.. .. .. ..

هذا الشئُ الذي زادتْ بهِ اللغةُ ثقلاً والمجازُ وِسعاً"الحُبّ".تكلمَ الشعراءُ والأدباءُ والفلاسفة عن الحبّ وعن الأخلاق وعن القيم,وأسألُ نفسي الآن,هل لكلٍّ تلكَ الكتابات قيمة..؟!
.. .. .. ..

ماذا سيضيفُ ما أكتب الآن..؟!
بضعةَ أسئلة إلي خزانةِ الوجود,أو ربما ورقةً أسجلها في إحدي الورقاتِ الصغيرة التي جاءتني كهدية!
لماذا يكرهُ الإنسانُ حياتهُ وتضيقُ بهِ الحياة!
هل الحياةُ تحتملُ كل هذا.؟الحياةُ أصغرُ من أن تثقلها بكلِّ هذا الحزنِ العقيم.
(أعرفُ أنني أكذب,إذ أنني تنتابني حالاتُ الحزنِ كثيراً!)
.. .. .. ..

نبدو كسيرينِ ,ولا نحاولُ سوي أن نكونَ أحياءاً,ونفكرُ في العالم والإنسان والحبّ والحدود وأولادُ الزواني اللذينَ لا يجدونَ ملجئاً .
ربما الحياةُ لا تحتملُ كل هذا التفكير أيضاً.
.. .. .. ..
لماذا لا تأتي يا يوسف ,قلتَ أَنَّ المجازَ لا يعبرُ عنك!
نصحتكَ أن تأتي ,نتسكعُ يوماً في القاهرة ,نختفي في أزقةِ الحسين,ونجاورُ الحاكم بأمرِ الله,ولنترسمَ التاريخَ في أعطافنا,ولنغلق هواتفنا ولنرمِ أحزاننا خلفنا في فرح ,ولنغلقَ خزاناتنا,ولو ليومٍ واحد,فاللغةُ تشتهي أن تستريحَ من جرحنا لها في كلّ قصيدةٍ أو مقال.

تبدو اللغةُ كعجوزٍ ,في صحراءَ يتظللُ بشجرةٍ يافعة ,تنفخُ نايَ مجازها ,ويصير المعني كما صوتُ الناي,يسمعُ ولا يري ,يحسُّ ولا يمسك.يظلُّ غير مُنالٍ دوماً قريبٌ وبعيد ,فينا ولا نستطيع امتلاكه!

اللغةُ عاجزة ,وستظل اللغةُ تدخلكَ في متاهةٍ ما ,لا تستطيعُ الخوضَ فيها ولا الفكاك منها,ترغمك عليها وتريكَ عجزها في اختيالٍ مركبّ!.

هل من المنصفِ أن أرمي اللغةَ بالعجز..؟!ربما ليس منصفاً ربما نحنُ العاجزونَ عن إدراكها.

تعالْ يا صديقي ,لنتسكَّعَ ليومٍ واحد ,ولنشربَ قهوةً معتقة ,وحين يأتي دورنا لنذهب سنعودُ كما كنَّا ,وربما سأهديكَ كتاباً لنيتشه لتصرخَ معه"خراءُ هذا العالمِ هو طعامه!".



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق