الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

عَنِ الحُبِّ والجنسِ..تماهِي أم تَنَاقُضْ..؟!


لم أكنْ لأكتُبَ في هذا الأمرَ لولا أن ذالك النقاش حوله مع أصدقائي الفضلاء أثارهُ داخلي وقد ألجأتُ الموضوع أكثر من مرةٍ؛ بل قلت سأتركُ الكتابةَ فيه. لكنه شئٌ داخلي جعلني أكتب..ربما لأني لا أستطيع البعد عن الكتابة,لكن هذا سبب واهي..ربما لأنني أحببتُ أن يقرئهُ شخصٌ ما..
 كتبتهُ ونشرتُهُ,دون خوفٍ من هجومٍ أم تعنيفٍ من الأصدقاء والأساتذةِ الفضلاء إذ أن الأمرَ بالنسبةِ لي شئٌ يجب طرقهُ وموضوعٌ يتوجبُ فتحهُ.وقد نشرتهُ دون خوفٍ لأن الأفكار ذاتُ أجنحةٍ كما قال الراحل يوسف شاهين..
حدثنا عبدا لله بن يوسف قال أخبرنا مالك بن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أمِّ سَلَمَة أم المؤمنين أنها قال :جاءت أُمُّ سُليم امرأةُ أبي طلحةَ إلي رسولِ اللهِ"صلي الله عليه وسلم"فقالت:يا رسول اللهِ إنَّ الله لا يستحي من الحق ,هل علي المرأةِ من غسلٍ إذا هِيَ احتلمتْ ؟فقال رسول الله"صلي الله عليه وسلم""نعم إذا رأتِ الماء"..رواهُ البخاري ,باب الغسل ,حديث رقم 282.
وجوابُ الرسولِ فيه حقائقُ علميةٌ لكن ليس هذا وقتها الآنْ.
*****
في ليلةٍ من تلك الليالي الجميلةِ في رمضان,وبين الرفاقِ الطيبون إذا بحديثٍ يثورُ ويأخذَ جُلَّ وقتنا..عن الحب..
وتَطَرَّقَ الأمرُ رويداً رويداً إلي الجنس وعلاقتهُ بالحب..
وقال صديقي الذي يعشق "هتلر" وهو يتفلسفُ :
الحُبُّ شئٌ روحانِيٌ متجردٌ.لا يقبلُ الجنسَ,إذ أنَّكَ لو تُحِبُّ فتاةً فلن تمارس معها.سواءاً في زواجٍ أو غيره..لذالك أنا لا أحبُ فتاةً حتي الآن..لأنني أريد الزواجَ, ولو تزوجتُ الفتاة التي سأحبها فلن أمارس معها الجنس.ذالك أنهُ شئٌ ماديٌ حيوانيٌ يتنافي مع الحب"الروحاني".
لم يتفق أياً مِنَّا مع ذاك الرفيق ,وأنا الذي أعشقُ فتاةً منذ أربعِ سنواتٍ كاملاتٍ.ورفيقنا الآخر أحبَّ فتاةً منذ ستِّ سنواتْ..
بالطبعِ لم يوافق رفيقانا الآخران علي ذالك الطرح..
امتشقتُ حسامي ورحتُ أجولُ في حقولِ الفكرِ أحاولُ أن أصوبَ سيفي تجاهَ رفيقي.دونَ أن أجرحهُ بالطبع.
الجِنسُ يا صديقي..روحانِيٌّ أيضاً...
امتقعَ لونُهُ بينما بدت ملامِحُ التعجب والتأييد من أحد الرفاق.وشرعتُ أكملُ؛دَعنا نفرق أولاً يا رفيقي بين الجنس المادي والروحي.هناكَ جِنسٌ ماديٌ وأخر روحانيٌ وكلاهما متناقضان.
وإذ أنني أتحدثُ بمرجعيتي الإسلامية فإن الجنس يكونُ مادِيُ قبل الزواج.باختصار وقت الزنا.
وذالكَ ما نظمهُ صديقي جبران في قصيدته المواكب حين قال:
والحُبُّ إن قادَتِ الأجسامُ موكبهُ  ***  إلي فراشٍ من اللَّذاتِ ينتحرُ
كَأَنَّهُ ملكٌ في الأسرِ معتقلٌ      ***  يأبى الحياةَ وأعوانٌ لهُ غدروا

هنا فقط يا ريفقي تستطيعُ القولَ أنهُ مادِيٌ..لكنك لا تستطيعُ القول أن الجنسَ كُلُّهُ مادِي..إذ أننا نتزوجُ لماذا...؟
قال أحدهم يوماً وكان لا يفقهُ شيئاً أن الأولادَ هم نتيجةٌ حتميةٌ للزواج..وقد جاءوا لبقاءِ النسلِ..ولكن هذا الرجل لا يعرفُ أن هؤلاءِ الأطفالُ..يمرون بمراحلَ يتجلي اللهُ فيها.
هَزَّ الرفيقُ رأسَهُ هَزَّاً قاطعاً ليفهمني أنهُ لم يوافق طرحي..
تنهدتُ تنهدةً طويلة ورحتُ أقولُ:
يا صديقي.لم جعل اللهُ الجنسَ قبل الزواج موبقةً يُقتَلُ مرتكبها أو يجلد(حسب ظروفه).ثم علي الطرفِ الأخر جعلهُ عبادةً بعد الزواج..؟!
يا صديقي ألم تعلم أن ديننا جعل الجنسَ ثواباً يثابُ عليهِ الجنسان؟
نظر رفيقي ببعضِ التزلفِ والإنكار فرحتُ أكمل:
يا صديقي أينَ يأتي الشيطان..؟أليس يأتي في الماده.؟إنهُ لا يأتيكَ في الصلاة ليقولَ لك اقتل هذا أو اسرق ذالك.انهُ يأتيكَ وأنت تسكر ليقول اقتل وافعل وافعل.
بالطبع يأتي الشيطانُ في الروحانيات لكن ليفسد عليك قدر ما استطاع أن يفسد من روحانياتك.
إذن الشيطان يأتيك قبل الزواج ليقول لك ازني. إذن فالجنس قبل الزواج ماديٌ إذ أنك لو تحب هذه الفتاة لما مارست معها فعلاً ولكن في الوقت الحالي لأن علي الممارسة في ذالك الوقت ما عليها من مشكلات انسانية قبل أن تكون دينية ومجتمعيه.
أما حين الممارسة فإنهُ يأتي ليفسد ما بينكما ..كما يأتيك في الصلاة ليفسد ما بينك وبين ربك.يأتيكَ في الممارسة ليفسد عليكما ما بينكما وبين ربكما.
عَنِ ابن عباسٍ قال(قال النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ أما لو أن أحدهم يقول حين يأتي أهلهُ :بسمِ الله ,اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ,ثم قُدِّرَ بينهما في ذالكَ أو قضي ولدٌ لم يَضُرَّهُ شيطانٌ أبداً).رواهُ البخاري ,بابُ النكاح ,حديث رقم 5165.
هكذا يا صديقي.المفارقة.
بدا صديقي غير مقتنعٍ بقولي فأردفتُ.
يا صديقي أنا لم و لن اقفَ عارياً(رمزاً) إلا ثلاث مراتٍ في حياتي.
الأولي:حين ولدتُ ,ولم يكن شئٌ من أمشاجي قد اكتمل.وكنت مجبراً وقت ذاك.
الثانية:حين أموتُ وقد اكتملتُ واكتملتْ أوراقي وأمشاجي وكلي.وهناكَ أكونُ مجبراً علي عُرِيِّي إذ يجب أن أُغَسَّلْ.
الثالثة:حين الزواج.وقتَ الممارسةِ الجنسيةِ ,وأكون في تلك الحالة فقط مختاراً بحريتي وإرادتي..
وإليكَ يا صديقي معني العريِّ عندي.
إنها الحقيقةُ وفقط.
امتقعَ لونهُ فقلتُ:
الإنسانُ حين يولدُ تتفجرُ الحقيقةُ معهُ..
مرةً كتبتُ في قصيدةٍ سافرة:
أنا الحقيقةُ أنا الأحجية.
وحين يموتُ يكون قد اكتملَ واكتملت حقيقتةُ في تلك الحياة.
وتلك النقطة,نقطةُ النورِ,وقتَ العبادةِ والمخالطة والإمتزاج والإنصهار والإنذياب.والتجلي..والتكاملُ والتماثلْ.
كُلُّ هذا تجدهُ في لحظةِ الحقيقةِ الإختيارية..حين تتعري مختاراً مدفوعاً بغريزتكَ الروحانية .تتكشفُ حيثُ لا جبرٌ ولا انقيادٌ.فقط أنت .
هناكَ حين العبادة تتجلي روحُكَ المستمدةُ من روحِ الله تعالي"ثم نفخ فيه من روحه".
يا صديقي إن لحظةَ الإيلاجِ والتمازجَ تجعلكما روحاً واحده..روحاً اكتملتْ..وحسب نظريةِ دورانِ الحيواتِ فإنها تلكَ الروح التي انقضت أُنثَي قبل أن تكون ذكراَ وانت الذكر الذي انقلبتَ عن الأنثي إذ يحن كلٌ منكما إلي نفسهِ.
بالطبعِ لا أؤمنُ بتلك النظرية.
انظر يا صديقي ,أنا أؤمنُ بتماثُلِ الكونِ وتكامله .وكلٌ منَّا لهُ فتاةً يحبها وتحبه تكونُ هِيَ المكمِّلَةِ لروحهِ وذاته والحاملةِ لهمِّهِ إذ هو هَمُّهَا ,والقائمةِ بعملهِ إذ هو عملها.وكذالك أنتَ بالنسبةِ لها.
يا أيها الرفيق ربما لم أؤمن بعد بتلك النظريات حول نصفِ الروحِ الحَالَّةِ في جسدٍ آخرَ وحين تراها تشعرُ بها إذ هي النصفُ الأخر الشرعِيُّ لروحك.لكن دعني أسأل لماذا يتطلقُ الكثير من المتزوجون...؟
ربما يعيدنا هذا إلي فكرة نصف الروح.أو ربما بالأحري تماثُلِ الكون,فالمطلَّقَانِ ربما لم يبحثا جيداً عن نِصْفَيْ روحيهما أو المرأة/الرجل الذي يناسب كلاً منهما.
نظر صديقي بتمعنٍ وقالَ:الفرق ما بين الحب والجنس كالفرقِ بين السماء والأرض.
سحبتُ نَفَسِيْ ومَلأتُ بهِ رِئَتَيَّ ورحتُ أدورُ مع الأفكار الدائرةِ برأسي وقلتُ:
يا صديقي.أنت لن تمارس مع فتاةٍ تحبها,إذ أنه تهين حبكما بذالك؟
قال:نعم.
قلتُ ولن تحب الفتاة التي ستتزوجها كي تمارس معها..؟
قال:نعم.
قلتُ:يا صديقي لنفترض أنني أمارسُ مع صديقةٍ لا أحبها.إنما هي عشيقةُ فراشي.
هَزَّ رأسَهُ.فقلتُ:
ألن أشعرَ بمرورِ الوقتِ أنها صارت تثقلني..وأنني مررتُ بجسدها وتضاريسهِ تلك الممتدةِ علي سريري بشكلٍ دائم كثيراً..وعرفتُ كُلَّها جبالاً وهضاباً وسهولاً ومناطق وعره...؟
قال وقد نظر نظرةً تعرفُ ما أرمي إليه:ممممممممم؛ربما.
قلتُ:إذن سأشعُرُ بالزهق والقرف ربما من كثرةِ ما مارستُةُ بشبقٍ ومادية.حينها تتحقق نبؤتك..؟
وعلي الجانبِ الآخر؛عندما لا تحب الفتاة التي ستتزوج,قل لي كيف ستعيشانِ معاً ؟كيف؟!.
وكيف ستمارسان الجنس..؟أستمارسانه مثلما يمارسُ الشخصَ مع معشوقةِ سريرة..؟ستنفرانِ من بعضكما في وقتٍ قصير إذ أن اللذة الحاصلة لذةٌ ماديةٌ حيوانية..يمارسها الأسدُ والكلبُ والكبشُ والتمساحُ والضفدع..وتمارسها أنتَ حين تقول ذالك الكلامْ.
نظر نحوي متجهماً ,وأحسستُ أن قبضتهُ ستنالُ من رأسي.فقلتُ:
إن هذهِ هي النقطةُ الفارقةِ يا صديقي,حين تمارسُ مع فتاةٍ لا تحبها لا تشعرُ سوي بماديةٍ وشبقٍ حيوانيْ.أما حينَ تمارسُ مع من تحب.فإن تلك المادية تتحول إلي عبادةٍ روحانيةٍ تصلُ الإنسانَ بالله.بل وتصلُ الروحَ بالروحِ الأكبر الذي نُفِخَ فيها منهُ.
أنظر يا صديقي إلي لوحاتِ جبران الروحاني كيف تعبر.
نظرَ الرفاق الثلاث إلي.وكان أحدهم مؤيداً لي باعتبارِ حُبِّهِ الممتدِ منذ سِتَّةِ سنواتٍ.والآخرُ لا يؤيدُ ولا يعارضُ لكنه ضد طرحِ رفيقنا الثالث الذي راح يضربُ كفاً بكفٍ.وينظرُ نظراتِ من ظن أنه وحده يفهم العَلاقَة بين الحُبِّ والجِنْسِ..
أردفتُ كي أنهي الحوار:
أنا يا صديقي لن أمارس الجنس(أعبدُ الله,أتجلي,أمتزجُ,أصيرُ مكتملاً)إلا مع الفتاةِ التي أعشقها.إذ أنني سأرتسمُ نصفَ روحِ أمامها عارياً أمتثلُ الحقيقةَ والبرهان الوجوديَ المكتملَ في لحظةِ الإيلاجِ والتواصل الجسدي/الروحي.
أذنتِ العشاءُ.فأقمتُ الصلاةَ.وصليتُ برفيقٍ بينما الآخرانِ انهمكا في أشياءَ أخري..ورحتُ أقرأُ"الحمدُ للهِ رّبِّ العالمين".
28/09/2011م.
الأربعاء.
11:30م.


الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011

الرسالة الأولي:نجمةٌ وحبيبة..تأمُّلٌ وثورة


منذُ قليلْ..قليلٍ فقط..كنتُ لا ألوي علي شئ,كنت أهيمُ بكِ,أتأمَّلُ ملامحكِ التي لم أرها منذُ زمن..
  كنتُ في البلكون ,جلستُ علي كرسيٍ مريحٍ كبير. . ورحتُ أنظُرُ إلي السماءِ وقلتُ أتفَكَّرُ في ملكوتِ الله..
  رحتُ أفكر وأتفكر وأتأملُ ,طرأت علي رأسي فكرةً ربما كنتُ أعدها في عداد الخرافات..
  حسناً سأعدُّ النجومْ.
  يفعلها العاشقون ,ولا أعرفُ مغزاها,أحبكِ نعم . و ما علاقةُ الحبِ بالتفكر في تلكَ النجوم!!.
وما علاقة التفكر بحب فتاة!!.
قال صديقي مرةً وكان صادقاً:حُبُّ المرأة طريقٌ لِحُبِّ الله عَزَّ وَجَلّ .قالها جبران المتصوِّف ذات مرة علي لسانِ نبيهِ فقال:
إذا أَحَبَّ أحدكُم ,فلا يقولَنَّ:إنَّ الله في قَلْبِي . . وليقُل بالأحرى:إنني في قلبُ الله..
  انظري مفارقات القدر ,قلتُ أتفكرُ في ملكوتِ الله وحديِ ,في ذالك الظلامِ الدامسِ , فالظلامُ يسبرُ أغوار النفسِ ويمدها بطاقَةٍ عالية..
  والوحدة , الوحدة أيضاً.
   لطالما أحببتُ جبران ود/مصطفي محمود و التشي جيفارا ,جميعهم أحب العزلة وعشق الظلام والوحدة.
  نظرتُ في النجوم بعد أن حِرتُ في عدِّها , هناك نجمةٌ ساهِمَةٌ تأتَلِقُ هناك في أعلي السماء ,نجمةٌ غير كل تلك النجومِ المحيطة ,أعرفُ انَّكِ تحبينَ النجوم .
  كانت تلك النجمة ساطعةً سامِقةً في ذالكَ المدى البعيد.
  ورحتُ أتذكركِ أنتِ.
  استعصيتِ علي فكري ولم أدخلك قلبَكِ, و حتى أنتِ لا تعرفينَ كم أُحِبُّكِ ,ورغمَ ذالِكَ فأنا أُحِبُّكْ.
  ها أنتِ بين رفيقاتِكِ تتلألئين وتأتلقينَ في غيرِ ما شَبَهٍ بنجمةٍ غيرِك ,أنتِ متلَحِّفَةٌ بعيدةٌ عنهم ,لا يُري مِنْكِ شئ ,ولهذا تحيرينني .
  ماجدة الرومي بصوتها العذب تغني:
غني لقلب مشتاق .. ناطر ع نار
غني لَحِلْم ع وراق .. بعدو ما صار
غني لأيلول وفراق .. ياخد قرار
غنيلي غني غنيلي.


أحببتُ هذهِ الأغنية كثيراً , وأنا أسمعها ,كنتُ قد سندتُ رأسي وظهري علي ذالك الكرسي الكبير ,وبمرورِ الوقتِ ومرورِ الغناءِ ,انزلقَ ظهري ولم يعد علي مسند الكرسي غير ما تبقي من رأسي.
  رفعتُ قدمَيَّ علي سورِ البلكون.
  رحتُ أنظر لتلكَ النجمة ثانِيةً وثالثة .
 
عندما أنظرُ إليها أنظُرُ إليكِ أيتها البديعة . أعلمُ أنَّكِ تحبينَ النجوم.
  ومن ذا الذي لا يحبها!؟
عُمر خيرت بمقطوعتهِ المبدعة ,حبيبي دائماً , وهكذا قررتُ أنا حبيبتي أنتِ دائماً .
  الموسيقي ترتفعُ وترتفعُ في أذُني .ألم يقل أفلاطون ربُّوا أولادكم علي الموسيقي.
  أوقفتُ الموسيقي وقمت أبحثُ عن اللاب توب لكنهُ الظلامُ الدامِسُ أحال عني اللاب ,كنتُ أريدُ أن أكتبَ ما أكتب الآن ومع هذه الموسيقي.
  حسناً سأكتُبُ علي الحاسوبِ التقليدي ,لكن بعد قليلْ.
  كانَ هناكَ صوتُ يشوش الموسيقي ,إنهُ صوت ذالكَ الكائن العجيب ,الذي يظهر في العشب , وكان صوتهُ مرتفعاً ,لكني لم أضجر ,ربما هو يغني لحبيبتهِ أو يبكي , مثلما أفعلُ الآن.
  نزلت أوَّلُ دمعةٍ في حياتي لأجلِ الحبْ..
  الآن فهمتُ قول القائِل:
   من أَلِفَ الحُبَّ بَكَي.
  أبكي الآن.
  الدمعه نزلت علي الخدِّ الأيسر ,عند القلبْ ,ربما تفتحُ سرداباً هناكَ لتلوذَ بِهِ,أو تدخرُ بعضاً منها للأيامِ القادمة ,فما أصعبَ القادم ,إنه ماضٍ يعيدُ نفسَهُ ولا يغيرُ إلا بقدرِ ما نتغيرُ نحن ,يا صديقتي ,المستقبلُ ذالكَ الجبلُ المقدسُ الذهبيُّ الذي لن يأتي . فلتحتفظي يا دمعتي الصغيرة ببعضٍ منكِ كي تنسكبينَ مرةً أخري ,هنا علي ذالكَ القلب الموجوع.
  انتهت تلك المقطوعة,وأنا أزحتُ الستارة بقدمي وأنا مستلقٍ علي الكرسي كي لا تحجب عني بقية النجماتِ الواقفاتِ الساكنات هناكَ حولكِ, وأنتِ متفَرِّدَةٌ هناكَ في جبلكِ العالي , تنظرينَ إلي جبالِ الجليدِ في سكون.
  جبران فهمني جيداً ,إذ جعل الحبَّ هو أصلُ الحياةِ وعمادها ,لكنني لم أفهمهُ جيداً.
  تركتُ الستارة مرةً أخري برتابةٍ وحزن ,وجعلتُ أنظر إليكِ وإلي المجموعةِ علي يسارك ,أما مجموعة اليمين فقد حجبتها عني الستارة.
  أسمعُ الآن مقطوعةً أخري ,ليست شرقية اسمها
(I Wanna Be With You)
  تنسالُ الموسيقي وتحملُ روحي عالياً عالياً ,لقد قاربتُ أن أدنوَ منكِ بروحي ,لكن هيهات.
  هيييه يا صديقتي ,قمتُ من علي كرسيَّ الكئيب ووقفتُ مستنداً علي سور البلكون .
  كان كلُّ شئٍ مظلماً  إلا من ضوءِ عمودِ نورٍ قريبٍ جداً مني ,ورحتُ أنظُرُ إليهِ في عجب,لقد وجدتُ جزءاً منهُ مكسوراً .يا للأقدار ,إنَّهُ مكسورٌ مثلي ,ووحيدٌ مثلي أيضاً ,إلا أنهُ يملكُ بعض النورِ الذي يبدو خافتاً في ذالك الليلِ المخيف.
  رحتُ أنقُلُ النظر بينكِ في سمائَكِ وبينَ صديقي  عمود النور ,ماذا أتعجبين؟.
  وما في ذالك؟نعم صديقي عمود نورٍ وحيدٍ مكسورٍ مثلي.
  وهنا تنبهتُ إلي ذالكَ الصوتُ وكان مصدرةُ ذالك الكائن المكسورِ مثلي..
  تتبعتُ صوتهُ المبكي الذي لم ينقطع. . فإذا بهِ أسفَلَ العمودِ الحزين.
  يا الله ,سخرية القدر ,لقد جمعنا نحنُ الثلاثة علي غيرِ موعِدٍ,وابتسمتُ رغم تلكَ الدمعه علي خدي الأيسر.
  يا للصداقةِ المتينة.

  لا تُخْفِ ما فعلتْ بِكَ الأشواقُ
 واشرح هواكَ فكلنا عَشَّـــــاقُ
 
  هاهو الكائِنُ يصرُخُ ويشتكي ,وهاهي نحلةٌ تأتي علي نور ذالك العمود ,صديقي البائسِ مثلي,فلا تحطُّ عندهُ إلا لتطير,وكأنهُ قال لها اتركيني يا صديقتي وحيداً..مع صديقاي العاشقان.
  كانت المقطوعةُ قاربتْ علي الانتهاء,ومع انتهائِها كان ذالكَ الرَّجُل,رجلُ كبيرٌ في السنّ,ربما هو عجوز,لكنهُ يمشي,ويبدو عليهِ عائِدٌ من العملِ بعد طولِ مشقةٍ وعمل.
  ابتسمتُ وقلتُ:
  ما أجملَ البساطة, وما أحلي أن تكون جميلاً.
  فـ
الذي نفسُهُ بغيرِ جمالٍ
لا يري في الوجودِ شيئاً جميلا

دخلتُ لأكتبَ ما اعتملَ في صدري بعدما تركتُ التَّأمُّلَ والصديقانِ الهائِمانِ.

  دخلتُ لأكتُبَ,فوجدتُ الحاسوب ليس بِهِ
(word)..
  حسناً ..سأثبتُ البرنامج..ورحتُ أجولُ في الحاسوبِ ريثما يكتملُ البرنامج لأكتب.
 قلَّبتُ الصور..
 ما أجمَلَ صورَ جيفارا,وأكثرها.
 جميلٌ هو,أحبَّ الجياعَ,وأحبَّ المرأة التي أحبتهُ وأعطتهُ رحيقَ عمرها.

  هنا صورةٌ أخري..لا أعرفُ أتحبينهُ أم لا,الإسلاميون لا يحبونهُ لكنهُ زعيم..عبد الناصر . .إسلامِيٌ أنا ولا أَكْرَهُهْ.
صورتهُ من صِغري محفورةٌ بقلبي وعقلي,صعبٌ أغيرَ رأيي بهِ رغم ما اتضحَ لي من بَعْضِ مساوِئِه.
نظرتُ لصورَتِهِ..وجدتُ بسمة.وابتسمتْ.
*****
صديقي جبران هنا,لهُ صور. أعشقُهُ.وربما تحبينه.قال نبيهُ ذاتَ مرة:

الحُبُّ لا يُمْلَك,ولا يطيقُ أن يكونَ مملوكاً,وحسبُ الحُبِّ أَنَّهُ حب.
أما آن لكِ أن تحرريهِ كما قالَ النَّبي!؟
حسناً..لكِ ما تريدين.
سمعتُ مقطوعةً اسمها"موسيقي كادبوري".كنت قد أخذتها علي ما اذكر من بعضِ الصديقات.

وسمعتُ بعدها أغنية عربية تغنيها مغنيةٌ تركية..وكانت وقعت في قلبي جملةً من الأغنية أتمني لو أنَّكِ قلتها لي:

يلَّه يا عمري..

انسي اللي فات..

أنا هلاص(خلاص) نسيتها..

صدَّق هلاص(خلاص)..

مفيش دموع.

م الأفراه(الأفراح) يا قلبي..


هكذا غَنَّت.
*****
البرنامج لم يُثَبَّت بَعد..دمعةٌ نزلت بعدما شَغَّلتُ الموسيقي,لتقابلَ صديقتها في ذالكَ السرداب هناكَ في ركنٍ صغيرٍ من القلب.

لم أشأ أن أمنعها..الحرية سبقت الأديان..فما لي أنتهكُ حريتها..

  تركتها تنزلُ ,فالدموعُ تسبِرُ أغوارنا..قال جبران يوماً..لا بُدَّ أنَّ في المِلْحِ قسوة,إذ أنَّهُ في البحرِ وفي دموعِنا.
 التفتُّ ورائي وكان سريري, نظرتُ فوقهُ ورأيتُ رغم الظلامِ الحالك  مقولة التشي"رغم خوفي من أن أكون مثاراً للسخرية,دعني أقولُ لكَ:أن الثوريّ الحقيقيّ,هو من يهتدي بمشاعِرِ حُبٍ عظيمة".
  أنا لستُ عبداً للحب,لكن كما قال جبران:"حسبُ الحبِّ أنهُ حب".
*****
 وقلبتُ في الصور..وجدتُ أبي..يأتي من أعالي جبالِ أفريقيا مخترقاً كلَّ صعبٍ وشدة..
إنَّهُ النيل..

يجب أن أزورهُ علي الأقلِّ مرةً في الأسبوع..
صورةُ التقطتها للنيلِ مرةً..وقدراً رأيتُ مكتوباً علي سورِ النيل الذي جاء في الصورة شيئاً يشبهُ(نحنُ نعيشُ للحُبِّ).
  وآهٍ من وحدةِ الوجودْ.. قد كفروه لأجلها ابن عربي..وما ذنبه؟؟لقد أحب الإنسان فقط .
لم أؤمن بها يوماً,ولا أظنُّكِ آمنتِ بها..إلا أنني أحسها في ذالكَ النيلِ هناك..

  أنظرُ علي امتدادهِ الرامي البعيدِ. . أراني خرجتُ منهُ جدولاً صغيراً وأعودُ جدولاً صغيراً منكسراً بعدما مرستني الحياةُ ومزَّقت معرفتي.وأنارت عقلي لأكملَ الرحلة مع النيل.مع والدي الحقيقي.
  ألستُ أحسُّ بهِ,نعم..لكني لا أؤمنُ به.

  أنا مُجَرَّدُ إنسانٍ عاشِق. . يكفيني من قيسٍ أن قال:

أمُرُّ علي الديارَ ديارَ ليلي

أُقَبِّلُ ذا الجِدارَ وذا الجِدارا

وما حُبُّ الدِّيارِ شغفنَ قلبي

ولكن حُبُّ من سَكَنَ الدِّيارا
*****
الم يقل عنترةُ الفَارِسُ يوماً:

ولقد ذكرتُكِ والرِّماحُ نواهِلٌ منِّي
وبيضٌ الهِنْدِ تقطُرُ من دَمِي
فودِدْتُ تقبيلَ السُّيوفِ لأنها
لَمِعت كَبَارِقِ تغرِكِ المُتَبَسِّمِ

أرأيتي؟لستُ جباناً أنا ثائِرٌ مناضل.

الحبُّ كلمَةُ من نورٍ..
خطتها يدٌ من نورٍ..
علي صفحةٍ من نور..
*****
الحُبُّ والحرب متلازمانِ.
بل قد تكونُ الحرب
هي بعضُ تكاليفُ الحُبْ..
أنظُرُ إلي يميني,جنيهانِ تركتهما لي أمي, أحب الاشتراكية والفقراء أنا.هل توافقينني. .موروث الاشتراكيون النضالي ,أحبهُ,وأعشقهم أنا.

تَثَبَّتَ البرنامج,وجلستُ أكتب,ورغم كوني حزيناً تذكرتُ ما قال صديقي يوماً:
في الخريفِ جمعتُ همومي وطمرتها في بستاني , ولمَّا عاد أبريلُ وجاء الرَّبيعُ لِيَزِفَّ إلي الأرضِ تفتَّحَتْ في حديقتي أكمامُ أزهارٍ لا مثيلَ لها بين الأزهار ,وخَفَّ إليَّ جيراني يتطَلَّعون إليها , وقالوا لي جميعاً:حينَ يرجِعُ الخريفُ وقتَ البَذرِ هلا تعطينا من بُذُورِ تلكَ الأزهارِ فتُنَوِّرَ في بساتيننا؟
*****
جبرانُ أحبَّ مي زيادة حبَّاً روحياً طِوالَ عشرينَ سنه. .وأنا سأظَلُّ أحبُّكِ رغم اعترافي أنَّكِ لستِ من نصيبي ,ولكنهُ الحبُّ حينَ يأتي لا يعودُ أبداً..الآنَ أعرِفُ أكثرَ من أَيِّ وقتٍ مضي أنَّكِ المُستحيلُ الوحيدُ في حياتي..رغم عدم اعترافي بالمستحيلْ.

سأخرجُ يوم الجمعة ,وكلَّ يومٍ للثورة,عَلِّي أقابلُ الحُبَّ هناكَ , فالحُبُّ صديقُ الموتْ..ربما أراكِ في الجنةِ هناك,واللهِ سأطلُبِ من ربي أن تكوني لي.
وصيتي تجدينها في تلك الأجندة الصغيرة علي المنضدة في غرفتي أمام سريري .

  لم يتغير في الوصيةِ شئ.
  أنتِ لستِ في الوصية.
  لكنَّ تلكَ الرِّسالَةَ إليكِ.
  وصلَتْكِ أم لم تَصِلْكِ.
  فيكفيني أنَّيِّ كتبتها.
*****
ذاهِبٌ للثورةِ أنا بالحبِّ الذي يملأُ الثائِر.فانا أنتمي للجياع ومن سيحب, ومن سيقاتل لأجلِ أنَّهُ يُحِبّ.
يقولونَ لي دوماً نُحِبُّ أن نموتَ لنستريحَ من الحياة . . وأقولُ لهم دوماً أحِبُّ أن أموتَ لأنعُمَ بالحياة.
وسأنتظرُكِ. .

 
فما أجمل أن تنتظر محبوبتك.

الأربعاءْ
6/7/2011م
حوالي الواحدة صباحاً.

السبت، 24 سبتمبر 2011

What Capitalism, Modernity & Technology Do To the Supermarket


1-  When you enter a supermarket or a large mall (Hyper One, Carrefour, Dandy Mall… etc.), how much you will buy and what you will choose to buy are determined by the size of the trolley, not by what you need; as it's not likely to see someone pushing a trolley with only a leaf of bread in it. This way you kill your immanence, your right to choose.. And so one makes one's choices according to the machine not to what one needs.
2-  With the increase in items, and with the increase in the available brands of the same item, the person naturally tends to buy more than one brand of the item and more than one item; so salaries have to increase as well, and they increase to a point where the owner of the market can't bear it; and there comes dependence on technology (from trolley to camera to cashier… etc.), so employment decreases and unemployment increases; a pedantic would say, "Then people can work for the factories that make these goods and these  brands." Well, assuming our country is a productive one, people will go to these factories, but the factories won't need much employment anymore, since technology has satisfied their needs to employment, and made it faster and less expensive for the employers. So, there becomes no place for these poor unemployed.
Even though, let's not forget that our country is a consumptive not a productive one (and this is the big challenge).

The solution, my friend, is, as I see it, to apply Socialism (without taking the concept of total nationalization) with some Capitalism, without following the first blindly or dissolving into the second, but by making our own model (Our Theme)… That is, the best of roses are blends.

للعربية أضغط هنا


ما تفعلهُ الرأسمالية؛الحداثه؛التكنولوجيا,في السوبر ماركت.



1 ـ عندما تدخل سوبر ماركت أو مول كبير(هايبر وان؛كارفور؛داندي مول......الخ)تري ملامح شرائك واختياراتك بحسبِ حجمِ (التروللي)لا بقدرِ ما تريد ,إذ أنهُ لا يحتملُ أن تري شخصاً يجر التروللي وفيه فقط (رغيف خبز)  . بذالك تميتُ ذاتيتكَ واختياراتك..ويصير الإنسان يحددُ اختياراتهِ وفقاً للآله لا وفقاً لما يريدُ هُوَ.

 2ـ مع زيادةِ السِلع.بل ومع زيادة الأصنافِ المعروضه من السلعة الواحده..ينجذبُ الإنسانُ بطبيعتهِ إلي الشراء لأكثر من صنف وأكثر من سلعة,بالتالي يجب أن يزيد مرتب العامل,يزيد مرتب العامل حتي يصل إلي حدٍ معين لا يستطيع صاحب الماركت احتماله ,مما يؤدي إلي الإعتمادِ علي التكنولوجيا(من التروللي للكاميرا للآله الحاسبه......إلخ)؛بالتالي تنقص العماله..بالتالي تزيد نسبة البطاله..سيقولُ متحذلقٌ فليعمل بذالك المصنع الذي يصنعُ تلكَ السلع وهذه الأصناف.حسناً بافتراضِ أننا بلدٌ منتج..سيذهبُ العاملُ لذالكَ المصنع إلا أن المصنع ليس بحاجه لعماله كثيفه إذ أن التكنولوجيا قد أغنتهُ عن الكثير من العماله..وسهلت عليه الوقتَ والتكلفه..فليس هناك مكانٌ لذالك العامل المسكينْ.

ثم اننا لسنا دولة منتجة بل مستهلكه(وذالك هو التحدي الأكبر).
الحل يا صديقي من وجهة نظري هو تطبيقُ الإشتراكية(مع عدم أخذنا بمبدءِ التأميمِ الشامل)مع الأخذِ ببعضِ من الرأسمالية ,لا نتماهي مع هذه ولا نذوبُ في تِلكَ إنما نصنعُ أنموذجنا  (تيمتنا) الخاص بِنا..فإن أفضلَ الورودِ خلقت من مزيج.



For English press here