الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

عَنِ الحُبِّ والجنسِ..تماهِي أم تَنَاقُضْ..؟!


لم أكنْ لأكتُبَ في هذا الأمرَ لولا أن ذالك النقاش حوله مع أصدقائي الفضلاء أثارهُ داخلي وقد ألجأتُ الموضوع أكثر من مرةٍ؛ بل قلت سأتركُ الكتابةَ فيه. لكنه شئٌ داخلي جعلني أكتب..ربما لأني لا أستطيع البعد عن الكتابة,لكن هذا سبب واهي..ربما لأنني أحببتُ أن يقرئهُ شخصٌ ما..
 كتبتهُ ونشرتُهُ,دون خوفٍ من هجومٍ أم تعنيفٍ من الأصدقاء والأساتذةِ الفضلاء إذ أن الأمرَ بالنسبةِ لي شئٌ يجب طرقهُ وموضوعٌ يتوجبُ فتحهُ.وقد نشرتهُ دون خوفٍ لأن الأفكار ذاتُ أجنحةٍ كما قال الراحل يوسف شاهين..
حدثنا عبدا لله بن يوسف قال أخبرنا مالك بن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أمِّ سَلَمَة أم المؤمنين أنها قال :جاءت أُمُّ سُليم امرأةُ أبي طلحةَ إلي رسولِ اللهِ"صلي الله عليه وسلم"فقالت:يا رسول اللهِ إنَّ الله لا يستحي من الحق ,هل علي المرأةِ من غسلٍ إذا هِيَ احتلمتْ ؟فقال رسول الله"صلي الله عليه وسلم""نعم إذا رأتِ الماء"..رواهُ البخاري ,باب الغسل ,حديث رقم 282.
وجوابُ الرسولِ فيه حقائقُ علميةٌ لكن ليس هذا وقتها الآنْ.
*****
في ليلةٍ من تلك الليالي الجميلةِ في رمضان,وبين الرفاقِ الطيبون إذا بحديثٍ يثورُ ويأخذَ جُلَّ وقتنا..عن الحب..
وتَطَرَّقَ الأمرُ رويداً رويداً إلي الجنس وعلاقتهُ بالحب..
وقال صديقي الذي يعشق "هتلر" وهو يتفلسفُ :
الحُبُّ شئٌ روحانِيٌ متجردٌ.لا يقبلُ الجنسَ,إذ أنَّكَ لو تُحِبُّ فتاةً فلن تمارس معها.سواءاً في زواجٍ أو غيره..لذالك أنا لا أحبُ فتاةً حتي الآن..لأنني أريد الزواجَ, ولو تزوجتُ الفتاة التي سأحبها فلن أمارس معها الجنس.ذالك أنهُ شئٌ ماديٌ حيوانيٌ يتنافي مع الحب"الروحاني".
لم يتفق أياً مِنَّا مع ذاك الرفيق ,وأنا الذي أعشقُ فتاةً منذ أربعِ سنواتٍ كاملاتٍ.ورفيقنا الآخر أحبَّ فتاةً منذ ستِّ سنواتْ..
بالطبعِ لم يوافق رفيقانا الآخران علي ذالك الطرح..
امتشقتُ حسامي ورحتُ أجولُ في حقولِ الفكرِ أحاولُ أن أصوبَ سيفي تجاهَ رفيقي.دونَ أن أجرحهُ بالطبع.
الجِنسُ يا صديقي..روحانِيٌّ أيضاً...
امتقعَ لونُهُ بينما بدت ملامِحُ التعجب والتأييد من أحد الرفاق.وشرعتُ أكملُ؛دَعنا نفرق أولاً يا رفيقي بين الجنس المادي والروحي.هناكَ جِنسٌ ماديٌ وأخر روحانيٌ وكلاهما متناقضان.
وإذ أنني أتحدثُ بمرجعيتي الإسلامية فإن الجنس يكونُ مادِيُ قبل الزواج.باختصار وقت الزنا.
وذالكَ ما نظمهُ صديقي جبران في قصيدته المواكب حين قال:
والحُبُّ إن قادَتِ الأجسامُ موكبهُ  ***  إلي فراشٍ من اللَّذاتِ ينتحرُ
كَأَنَّهُ ملكٌ في الأسرِ معتقلٌ      ***  يأبى الحياةَ وأعوانٌ لهُ غدروا

هنا فقط يا ريفقي تستطيعُ القولَ أنهُ مادِيٌ..لكنك لا تستطيعُ القول أن الجنسَ كُلُّهُ مادِي..إذ أننا نتزوجُ لماذا...؟
قال أحدهم يوماً وكان لا يفقهُ شيئاً أن الأولادَ هم نتيجةٌ حتميةٌ للزواج..وقد جاءوا لبقاءِ النسلِ..ولكن هذا الرجل لا يعرفُ أن هؤلاءِ الأطفالُ..يمرون بمراحلَ يتجلي اللهُ فيها.
هَزَّ الرفيقُ رأسَهُ هَزَّاً قاطعاً ليفهمني أنهُ لم يوافق طرحي..
تنهدتُ تنهدةً طويلة ورحتُ أقولُ:
يا صديقي.لم جعل اللهُ الجنسَ قبل الزواج موبقةً يُقتَلُ مرتكبها أو يجلد(حسب ظروفه).ثم علي الطرفِ الأخر جعلهُ عبادةً بعد الزواج..؟!
يا صديقي ألم تعلم أن ديننا جعل الجنسَ ثواباً يثابُ عليهِ الجنسان؟
نظر رفيقي ببعضِ التزلفِ والإنكار فرحتُ أكمل:
يا صديقي أينَ يأتي الشيطان..؟أليس يأتي في الماده.؟إنهُ لا يأتيكَ في الصلاة ليقولَ لك اقتل هذا أو اسرق ذالك.انهُ يأتيكَ وأنت تسكر ليقول اقتل وافعل وافعل.
بالطبع يأتي الشيطانُ في الروحانيات لكن ليفسد عليك قدر ما استطاع أن يفسد من روحانياتك.
إذن الشيطان يأتيك قبل الزواج ليقول لك ازني. إذن فالجنس قبل الزواج ماديٌ إذ أنك لو تحب هذه الفتاة لما مارست معها فعلاً ولكن في الوقت الحالي لأن علي الممارسة في ذالك الوقت ما عليها من مشكلات انسانية قبل أن تكون دينية ومجتمعيه.
أما حين الممارسة فإنهُ يأتي ليفسد ما بينكما ..كما يأتيك في الصلاة ليفسد ما بينك وبين ربك.يأتيكَ في الممارسة ليفسد عليكما ما بينكما وبين ربكما.
عَنِ ابن عباسٍ قال(قال النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ أما لو أن أحدهم يقول حين يأتي أهلهُ :بسمِ الله ,اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ,ثم قُدِّرَ بينهما في ذالكَ أو قضي ولدٌ لم يَضُرَّهُ شيطانٌ أبداً).رواهُ البخاري ,بابُ النكاح ,حديث رقم 5165.
هكذا يا صديقي.المفارقة.
بدا صديقي غير مقتنعٍ بقولي فأردفتُ.
يا صديقي أنا لم و لن اقفَ عارياً(رمزاً) إلا ثلاث مراتٍ في حياتي.
الأولي:حين ولدتُ ,ولم يكن شئٌ من أمشاجي قد اكتمل.وكنت مجبراً وقت ذاك.
الثانية:حين أموتُ وقد اكتملتُ واكتملتْ أوراقي وأمشاجي وكلي.وهناكَ أكونُ مجبراً علي عُرِيِّي إذ يجب أن أُغَسَّلْ.
الثالثة:حين الزواج.وقتَ الممارسةِ الجنسيةِ ,وأكون في تلك الحالة فقط مختاراً بحريتي وإرادتي..
وإليكَ يا صديقي معني العريِّ عندي.
إنها الحقيقةُ وفقط.
امتقعَ لونهُ فقلتُ:
الإنسانُ حين يولدُ تتفجرُ الحقيقةُ معهُ..
مرةً كتبتُ في قصيدةٍ سافرة:
أنا الحقيقةُ أنا الأحجية.
وحين يموتُ يكون قد اكتملَ واكتملت حقيقتةُ في تلك الحياة.
وتلك النقطة,نقطةُ النورِ,وقتَ العبادةِ والمخالطة والإمتزاج والإنصهار والإنذياب.والتجلي..والتكاملُ والتماثلْ.
كُلُّ هذا تجدهُ في لحظةِ الحقيقةِ الإختيارية..حين تتعري مختاراً مدفوعاً بغريزتكَ الروحانية .تتكشفُ حيثُ لا جبرٌ ولا انقيادٌ.فقط أنت .
هناكَ حين العبادة تتجلي روحُكَ المستمدةُ من روحِ الله تعالي"ثم نفخ فيه من روحه".
يا صديقي إن لحظةَ الإيلاجِ والتمازجَ تجعلكما روحاً واحده..روحاً اكتملتْ..وحسب نظريةِ دورانِ الحيواتِ فإنها تلكَ الروح التي انقضت أُنثَي قبل أن تكون ذكراَ وانت الذكر الذي انقلبتَ عن الأنثي إذ يحن كلٌ منكما إلي نفسهِ.
بالطبعِ لا أؤمنُ بتلك النظرية.
انظر يا صديقي ,أنا أؤمنُ بتماثُلِ الكونِ وتكامله .وكلٌ منَّا لهُ فتاةً يحبها وتحبه تكونُ هِيَ المكمِّلَةِ لروحهِ وذاته والحاملةِ لهمِّهِ إذ هو هَمُّهَا ,والقائمةِ بعملهِ إذ هو عملها.وكذالك أنتَ بالنسبةِ لها.
يا أيها الرفيق ربما لم أؤمن بعد بتلك النظريات حول نصفِ الروحِ الحَالَّةِ في جسدٍ آخرَ وحين تراها تشعرُ بها إذ هي النصفُ الأخر الشرعِيُّ لروحك.لكن دعني أسأل لماذا يتطلقُ الكثير من المتزوجون...؟
ربما يعيدنا هذا إلي فكرة نصف الروح.أو ربما بالأحري تماثُلِ الكون,فالمطلَّقَانِ ربما لم يبحثا جيداً عن نِصْفَيْ روحيهما أو المرأة/الرجل الذي يناسب كلاً منهما.
نظر صديقي بتمعنٍ وقالَ:الفرق ما بين الحب والجنس كالفرقِ بين السماء والأرض.
سحبتُ نَفَسِيْ ومَلأتُ بهِ رِئَتَيَّ ورحتُ أدورُ مع الأفكار الدائرةِ برأسي وقلتُ:
يا صديقي.أنت لن تمارس مع فتاةٍ تحبها,إذ أنه تهين حبكما بذالك؟
قال:نعم.
قلتُ ولن تحب الفتاة التي ستتزوجها كي تمارس معها..؟
قال:نعم.
قلتُ:يا صديقي لنفترض أنني أمارسُ مع صديقةٍ لا أحبها.إنما هي عشيقةُ فراشي.
هَزَّ رأسَهُ.فقلتُ:
ألن أشعرَ بمرورِ الوقتِ أنها صارت تثقلني..وأنني مررتُ بجسدها وتضاريسهِ تلك الممتدةِ علي سريري بشكلٍ دائم كثيراً..وعرفتُ كُلَّها جبالاً وهضاباً وسهولاً ومناطق وعره...؟
قال وقد نظر نظرةً تعرفُ ما أرمي إليه:ممممممممم؛ربما.
قلتُ:إذن سأشعُرُ بالزهق والقرف ربما من كثرةِ ما مارستُةُ بشبقٍ ومادية.حينها تتحقق نبؤتك..؟
وعلي الجانبِ الآخر؛عندما لا تحب الفتاة التي ستتزوج,قل لي كيف ستعيشانِ معاً ؟كيف؟!.
وكيف ستمارسان الجنس..؟أستمارسانه مثلما يمارسُ الشخصَ مع معشوقةِ سريرة..؟ستنفرانِ من بعضكما في وقتٍ قصير إذ أن اللذة الحاصلة لذةٌ ماديةٌ حيوانية..يمارسها الأسدُ والكلبُ والكبشُ والتمساحُ والضفدع..وتمارسها أنتَ حين تقول ذالك الكلامْ.
نظر نحوي متجهماً ,وأحسستُ أن قبضتهُ ستنالُ من رأسي.فقلتُ:
إن هذهِ هي النقطةُ الفارقةِ يا صديقي,حين تمارسُ مع فتاةٍ لا تحبها لا تشعرُ سوي بماديةٍ وشبقٍ حيوانيْ.أما حينَ تمارسُ مع من تحب.فإن تلك المادية تتحول إلي عبادةٍ روحانيةٍ تصلُ الإنسانَ بالله.بل وتصلُ الروحَ بالروحِ الأكبر الذي نُفِخَ فيها منهُ.
أنظر يا صديقي إلي لوحاتِ جبران الروحاني كيف تعبر.
نظرَ الرفاق الثلاث إلي.وكان أحدهم مؤيداً لي باعتبارِ حُبِّهِ الممتدِ منذ سِتَّةِ سنواتٍ.والآخرُ لا يؤيدُ ولا يعارضُ لكنه ضد طرحِ رفيقنا الثالث الذي راح يضربُ كفاً بكفٍ.وينظرُ نظراتِ من ظن أنه وحده يفهم العَلاقَة بين الحُبِّ والجِنْسِ..
أردفتُ كي أنهي الحوار:
أنا يا صديقي لن أمارس الجنس(أعبدُ الله,أتجلي,أمتزجُ,أصيرُ مكتملاً)إلا مع الفتاةِ التي أعشقها.إذ أنني سأرتسمُ نصفَ روحِ أمامها عارياً أمتثلُ الحقيقةَ والبرهان الوجوديَ المكتملَ في لحظةِ الإيلاجِ والتواصل الجسدي/الروحي.
أذنتِ العشاءُ.فأقمتُ الصلاةَ.وصليتُ برفيقٍ بينما الآخرانِ انهمكا في أشياءَ أخري..ورحتُ أقرأُ"الحمدُ للهِ رّبِّ العالمين".
28/09/2011م.
الأربعاء.
11:30م.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق