الاثنين، 27 فبراير 2012

الأناسُ الطيبونْ...


 ما دفعني لكتابة هذه التدوينه المتعبة الدافئة,ما غمرني ويغمرني من عطاءٍ ومنحٍ,من عطايا الوهابِ ومنحِهِ . .
لطالما كان هناكَ من ييسرهم اللهُ لي ,لمنحي من حبهم وعطايا قلوبهم..وأذكر حين كنتُ طفلاً صغيراً,وكنتُ أتسلقُ باب البيت الذي نسكنه,أن "شبك" جلبابي في أحد أعمدة الحديد التي تزين البيت,حينها وقعتُ علي الأرضِ وجلبابي ما زالَ في قطعة الحديد الصغيرة.
برز شابانِ و أوقفاني علي قدمي واطمأنا أني بخير.
قفز عدد من تلكَ الحكاياتِ الصغيرة التي حدثت لعمري الصغير .
أتذكرُ حين كادت أن تصدمني سيارة,ولكن ستر الله و أسدل علي من أنوارِ حُجَبِهِ وأسراره.ويسر لي في تلكَ اللحظةِ الهاربةِ رجلاً"لم يكن علي وفاقٍ مع أبي كثيراً"فأخذني وهدأني وأوصلني حتي باب الحضانة"التي لم أكن أحبها"واشتري لي بسكويتاً..
في حياتي الكثير ممن أعطوني وغمروني بحنانهم,رغم وجود الكثيرين ممن أغرقوني بحقدهم وشرورهم.
أذكر حين كنت صغيراً أن سألتُ "لماذا خلق الله الشر والأشرار؟!"وقفز سؤالٌ آخر,حين كبرتُ"ألا يعلمُ هؤلاءِ الأشرارِ أنهم خبيثون,وأن الناس تكرههم؟!".
كنت وأنا صغير,مؤمناً إيماناً تقليدياً لا يسأل,وكانت الإجابة معلبةً كوجبةِ كنتاكي!.
حين كبرتُ,لم أجد جواباً علي أسئلتي,وما زالت تلحُ علي,وتجتاحني في فترات تأملي الكثيرة و العصيبة.
قفزت فكرةٌ أخري,عن أولئك الناسُ الطيبون الذين ملئوا حياتي,بمقدار"أو أكثر أو أقلقليلاً"ما أغرقني فيهِ الأشرار.
عندما خلق الله الشر,خلق لهُ وموازياً له,الخير,كما خلق الجنة والنار.لكلٍ منهما.
بالنسبةِ لي,ليس قوامُ الحكمِ علي الناسِ بعباداتهم,التي تظهر,وإنما بمقدارِ ما أعطوا ومنحوا.
كان عمي أحمد "رحمه الله وأدخله فسيح جناته"أحب أهل الأرضِ إلي,كنتُ أحبهُ أكثر من أبي ذاته.
كان لا يفوتُ عيداً ولا مناسبةً إلا وصنعَ لي بذلتي بيده..مذ كنتُ في حدود السابعة,إلي أن توفاهُ الله.
كان عمي معطاءً ببذخٍ وربما فيما يري الرائي باستهتار.باختصار كان يعطي عطاء من لا يخشي الفقر,ومن هنا أعطاهُ الله من وسعٍ كثير.
إلا أن عمي ,رحمه الله,لم يكن يصلي,إلا في أواخر حياته,والله أعلم هل كان يصلي باستمرار أم متقطعاً.
المهم أنه أعطي,واذكرُ أنني منذ مات أظلمت في وجهي الكثير من الطرقاتِ في حياتي.
أحياناً حين اقعُ بمشكلةٍ عويصة,لا أحبُ أن اعرضها علي أحد"سوي حبيبتي"إذ أنها الوحيدة التي تفهمني,إلا أنني أحياناً أقول"لو أن عمي كان موجوداً في حياتي إلي تلك اللحظة,لحلت كثيرٌ من مشكلاتي".
أقول رحمه الله,وازعم أنه سيكون بإذن الله بالجنة,رغم قلةِ عبادته.ولكن ألا يعتبرُ منحِهِ وعطائهِ عباده.....؟!.
كان هناك الكثيرون في حياتي,هناك صديقي مصطفي,وأذكر من مراته الكثيرة التي غمرني,يوم ألأحد30/1/2011.بعد أن كتب الله لنا عمراً بعد موتٍ محقق,كنت أنتظر أخي ليعطيني نقوداً,ولم أكن أملك سوي جنيهٍ علي ما أذكر,ولما كنت لا أعود للبيت وهو يعود,حين ذكرتُ له ذلك,أخرجَ كل ما بجيبه وقال خذ قدر ما تشاء,خذهم واترك لي ثمن المواصلات.وكنتُ قد ضللتُ عن لقاءِ أخي.
وحين أخذتُ ورقةً مد يدهُ بأخرى وقال خذ.
هناك أختي الكبرى,التي تزوجت منذ أيامْ,أعطتني كما لم يعطِ أحدْ.وحين تزوجت ,كان مقدارُ سعادتي كمقدار حزني علي فراقها.
هناكَ حسام وأحمد ويسري ومؤمن,رغم اختلافنا كثيراً,من التفكير ومناهجه,حتي الأمور الدينيةِ و السياسية,إلا أن قدر منحهم لي لا يعوض ولا يقاسْ.
هناك أيضاً ذلك الرفيق الصوفي"ولن أذكر اسمهُ لأنه لا يحب"0
هناك الكثيرون وعلي رأي الرفيق الرائع دخاخني "لا أريد أن أكون غنيًا، أريد فقط النقود لتقديم الهدايا"وكان هذا ديدنهُ دوماً.
هذا الفتي أعطاني الكثير,مما لا يعلم هو أنه أعطاني.ودوماً أصفه بذلك البيت:
تراهُ إذا ما جئتهُ متهللاً *** كأنكَ تعطيهِ الذي أنتَ سائِلُهْ.
هذا الفتي مذهلٌ فيما قدمهُ لي.
وكي لا أطيل , القائمةُ طويلةٌ و كثيره ,كما أن قائمةَ الأشرارِ أيضاً طويلة و عريقة .
ظهر في حياتي الكثير,هناك من اختفوا لكن آثارهم ما زالت بين جوانح قلبي,ألمسها حينَ أحتاجها.
دوماً ما أحبُّ أن أتذكر الخير لمن فعل,وأظن أن هذا هو الصحيح,ألا تذكر الشر أو المجانبِ للصواب,أن تذكر الخير,وحين كتبتُ وصيتي يومَ11فيراير/2011وكنت قد شعرتُ بقربِ المنالِ ,واقتِرَابِ الزوالِ,وكشفِ المحجوبِ وتجلي الأنوار,واخضرارِ الزهارِ وذبولها,كتبتُ قائلاً"...لكن أتمني أن تذكروني جميعكم بالخير ـ كل من أعرفهم ـ أذكروني دائماً بالخير,لا تذكروا مساوئي,واذكروا حسناتي القليلة".
غمرت حياتي في الآونةِ الأخيرة,مكاشفاتٌ كثيره ,و عطائاتٌ ومنحٌ لا أعلمُ مداها,وأناسُ غيروني كثيراً للأفضل,وأناسٌ ملئوا حياتي بركةً ونوراًً..
أذكرُ من أيام,أني كنتُ مكروباً,هاتفتُ صديقتي ,لا لشئ لم أردِ الحديثَ أو النقاش في أي شئ ,فقط رفعتُ سماعتي وظللتُ صامتً,لا أعلمُ لماذ!!..
أنارَ الكثيرُ شموعَ طريقي,واليومْ,شعرتُ بنعمةِ المنحِ والعطايا ,جاش صدري بالكثيرِ من المشاعرْ.
تمنيتُ أن أملكَ الدنيا ,لا لشئ فقط,لأمنحَ واهبَ وأعطي!".
شكراً لكلِّ من أعطي,وشكراً للعاطي الواهب المانحِ بلا شرطٍ ولا غَرَضْ.
خاتمه:
يَا خَالِقَ القَلبِ المَهِيضِ جَنَاحُهُ           أَكْرِمْ بِهِ وتَوَلَّهُ بِعِنَايَتِكْ
مَا أَجمَلَ أَن تَكُونَ شَمعَةً..أَو بَحْرَاً... أو مَرفَئَاً.

08:20م.
الاثنينْ.
27/2/2012م.
كتبتُ هذه التدوينه دون سماعِ الموسيقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق