الجمعة، 23 مارس 2012

عن صديقي الحزين"جراحات الشتاء..".


 صديقي شخصٌ جميلٌ لكنه قلقْ.أسمرُ البشرة ,يحب الناس ,شجاعٌ وجموح.يحب التجربة ولا يخشي الموج .شاعرْ.
لا أعرفُ ما يغيرُ الحياة ويجعلها تَكرهُ الناس ويكرهونها.
قابلتُ صديقي ,وكان حزيناً ,وجدتُ صفحة وجهه وقد تعكرتْ.
قلتُ:
ـ ما لك يا رفيق؟!.
ـ لا شئ ,إنها الحياة.
قلتُ وقد تحاشيتُ النظرةَ في عينيه:
ــ كيف صديقتكْ؟!.
وكنتُ أعلمُ أن حياتهُ تتوقفُ علي سعادة ورضاء حبيبته.
 ابتسمَ في لا مبالاةٍ وقال:
ـ حطمتها قبل أن أحطم نفسي.
رفعتُ حاجبَيَّ وقلتُ "لماذا يا صديقي؟أنتما تحبان بعضكما كأحسنِ ما يكون الحبيبان".
قال وقد انحدرت دمعةٌ في سردابها الزجاجي:
ـ أنا جموحٌ ولا أُحبُّ التقييد والتقيد,أنتَ تعرفني.
بدتْ علي وجهه أماراتُ أسفٍ وجمود.
لم أصدق أن صديقي الباسم الصبوح الوجه بهذا العبوسْ.كنتُ قد ابتعدتُ عنهُ فترةً وكان جميلاً وسعيداً وطيباً.قلتُ:
ـ لا تحزنْ ,الله طيبٌ.
ـ لكني لم أفهمه.وربما لا يحبني.
بكي وعلا نشيجه.وقال:
ـ كما كنت دوماً ,حاولتُ أن أموت أكثر من مرة.تعرفْ ,تكومتُ علي سريري ,نزلت تحت غطائيْ ,رفعتُ ركبتيَّ واحتضنتهما مراراً ,حتي ينتهي نفسي وأودع تلك الحياةِ الصلبةِ العنيده.
شهقتُ وقلت: تنتحر؟!.
قال:
ـ، ليس انتحاراً و إنما انتصارا علي الحياة ,وشجاعةً أيضاً.
ـ لكن الله سيجازيك.
ـ كل مرةٍ كنت أفعلُ هذا كنت أقولُ"يا رب سامحني,لم أعد قادراً".
و أردف:كنت أشعر أن الله طيبٌ وجميل ,أنا لم أفهمهُ نعم ,لكنه سيفهمني ,لأنه لم يعطِ لي فرصةً في أَيِّ شئ.
كنت أعلمُ أن حياة صديقي ملبدةً و راعفة الجراح ,بكيتُ لأجلهِ طويلاً ,وودعتهُ و أنا أقولُ(رحماكَ يا ربُّ بهذا القلبِ الكسير ,وهذا الجسدِ المُضني ,وتلك الروحُ المهيضة).
لا زلتُ أتذكر كلماتهُ القاتلات ,قال"لقد تمنيتُ علي الله أن أعيش إنساناً عادياً ,بلا تعقيدٍ ولا تركيب ,تمنيتُ أن أكون حاملَ قمامةٍ أو بائع خضرواتٍ علي عربةٍ خشبية ,تمنيتُ أن أحبَّ صديقتي دون أن أكسرها وأحطم قلبها,لقد كانت إنسانةً مستقرةً قبل أن تحبني,وجئتُ أنا لأعكر حياتها,تمنيتُ أن أصلي وأدعو الله فيستجيب لي.لكن أياً من ذلك لم يحدث".
وودعني ساخطاً,ناظراً للأرضِ بعدما كان نظرهُ لا يبعدُ عن الأفق الأزرقْ.
ورحتُ أبكي بصمتٍ و أقول"رحماكَ يا الله بهذا الضعيف الهشّ".


عبدالرحمن ناصر.
الجمعة.
23/3/2012م.
10:53ص.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق