الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

أنا والرفاق والليل والفن..


كان يوماً رائعاً,لقد كان من أجمل الأيامِ في حياتي علي الإطلاقْ..
حيثُ القلشات المعرفية.والفن من نظرةِ يوسف عبد الجليل.الذي قال عنه صديقنا أراهُ وهو يتكلمُ كأنما سقراط يتكلم وحوله تلامذته..وكم كان كريم بشعرهِ وقصائده التي يحفظها تدهشنا وتجعلنا نضحكُ ونرفعُ الصوت معجبينَ "الله!!"..و لك الله يا مصطفي حين كنتَ تطلِقُ كلمةً تضحكنا جميعاً ,لك الله حين كنا علي المقهي نتداولُ الأفكار والنقاشات وأنت تبخر لنا الجو بنفس "الشيشة"وضحكات المساء..
وأنت أيها الرائع لقد كانت صينيةَ "الفراخ" في الفرن رائعةً ورائعة.

والأرز "المعمر"كم كان شهياً وبهيَّ الطلعة والطعم.وكم كانت كتبك رائعةً.

حين وصلتُ طنطا وجدت محطة القطار البديعة الشكل ,تذكرت ساعتها شكل لندن في الخمسينيات أو الستينيات من القرن الماضي.
ذهبنا لبيتِ محمد يا الله من هذه المكتبة,تفوقُ مكتبتي وكتبي.بها الكثير والكثير..(أدبٌ وتاريخٌ شعرٌ فكرٌ وسياسة....أشياء أخري كثيرة),أتذكر حين قال لنا"منورين"فقلتُ وأنا أنظر للمكتبةِ فوقي"ده نورك أنت وكتبك"حينها رد وقالَ"انتو جايين تشوفوني ولا تشوفوا كتبي".وانطلقت الضحكات منا علي غير ما خوفٍ ولا وجل.
أنشدنا رفيقنا كريم الرائع قصيدةَ شعرٍ جميلةً جداً ,لكنها ليست لهُ..
ظللنا نطلبُ المزيد والمزيدَ من الشعرِ؛فأنشدنا من شعرهِ الرائع القوي المتن البديع التصاوير والصور البيانية..
ظللنا نتباحَثُ حول المسيري وسيد قطب,من قال أنه لكي افهم المسيري أقرأُ لسيد قطب؟..شتان ما بين الرجلين,أنا أعتنقُ هذا الرأي ,لكن مصطفي له رأيٌ أخر.
كانت مصطلحاتُ أستاذنا المسيري حاضرةً معنا وكان هو حاضراً رغم غيابه,تذكرتُ قول المتنبي:
فليت طالعةً الشمسين غائِبَةً *** وليت غائِبَةً الشمسينِ لم تَغِبِ.
لا أذكُرُ كَمَّ المصطلحاتِ المعرفية التي وضعناها في قوالبنا الكلامية ونحن نضحكُ ونتضاحك.
أذكر أن مصطفي عشري حين سألته "أتشرب الشيشة التفاح أم القَصّ"فضحك وقال"لا لا مليش ف الحجات دي ,أنا بشرب تفاح يا عم الحاج"..فقلتُ وأنا أضحكُ"مش راديكالي في شرب الشيشة"..وذابت ضحكاتنا مع ليلِ السماءِ البديعِ ونجومهِ الساهمات.انطلقنا فوق سطح البيت.كان الليلُ رائِعاً وجميلاً,والرفاقُ أجملَ وأجملْ.
قال  رفيقٌ"ينقصنا النبيذُ الكوفي المعتق"ورد آخر"وجواري الأندلسَ يا فتي"...ووقعنا في فاصلٍ طويلٍ من الضحكِ والقهقهات.
أخذ كريمُ ينشدنا شعراً فشعراً ونحنُ لا نَمَلُّ ولا نميلْ.
ثارت قضيةٌ نناقشها.السلفية.وما المفهومُ والأتباعُ و ما هي الحركة والمصطلحُ العقديُّ لتلكَ الكلمة,والمصطلح المجتمعي.أذكر أننا تناقشنا فيها كثيراً.

قبل صعودنا للسطحِ..دهمتنا فكرةٌ جهنميةُ رائعة.لم لا نذهبُ للإسكندرية؟!.
نجلسُ علي الكورنيش حتي الفجر ثم نركب ونأتي..فنذهب كلٌ منا لجامعتهِ وكذا يسيرُ الأمرَ دونَما نوم.
هممنا بذالك لكن استقر الأمرُ بعد أن تأخرنا قليلاً علي الذهاب أن نتفقَ علي وقتٍ أخرَ نذهبُ فيهِ معاً..
نزلنا من فوقِ السطحِ في حدود الحادية عشر مساءاً ,تمشينا قليلاً ثم جلسنا علي قهوةٍ رائعةٍ في الهواءِ الطلقِ وأمام محطةِ القطار البديعة المبني والشكلْ.
أثرتُ قضيةً تشغلُ بالي وهي.دخول غير المسلمين والملاحدة النار يوم القيامة..

تداولنا القضية وتناقشنا فيها قليلاً..لكن ليس هنا مقامُ إيرادُ موقفي وفكرتي منها ..وربما في مقالٍ أخر قادم إن شاء الله.
ذالك بعد أن قمتُ ويوسفَ فدخلتُ مكتبتهُ ويا الله كم أبهرتني..
الغرفةُ مكدسةُ الجانبينِ برفوفٍ علي جانبي الغرفة...وأرضُ الغرفة منتصبَةٌ فيها أعمدةُ الكُتُب..كم هي رائعة.
تداني مكتبةُ والدي تقريباً مع اختلافِ الموضوعات التي بالكتب..
مكتبتي صغيرةٌ بالنسبةِ لها..لكن ما يهونُ علي قلبي أن يوسف أكبر مني بثلاثِ سنوات..وهذا مما يشعرني بأملٍ بعد أن رأيتُ مكتبتهُ التي تشعر بالإحباط.
خرجتُ من مكتبةٍ يوسف اليانعةً المورقةَ الثمر ببعضِ كتبٍ رائعةٍ هي:

1ـ الصهيونية والحضارة الغربية.د.المسيري.
2ـ حياتي .لأحمد أمين.سيرة ذاتية.
3ـ قيم من التراث.د.زكي نجيب محمود.
4 ـتاريخ الحضارة الهلينية.أرنولد توينبي.
وخرجتُ من مكتبةِ محمد الرائعة و المونقة بكتب:
1ـ ونسميهم أصدقاء.سامي الغباشي ,ديوان شعر.
2ـ مجموعة قصصية .لتشارلز ديكنز.
3ـ مجموعة قصص من البرتغال وإسبانيا وأمريكا اللاتينية.
4ـ مِحَنُ الفتي زين شامه.سالم حَمِّيش.رواية.
5ـ عصافير خضراء قرب بحيرة صافية,علي منصور.ديوان شعر.
6ـ حَيُّ بن يقظَانْ..والنصوص الأربعة لابن سينا وابن طفيل و السهردوري وابن النفيسْ.(مُستعارٌ).
بالطبعِ هي كتبٌ قيمةٌ جداً..كأصحابها الذين أعطوها لي .
انطلقنا نتمشي ووصلنا للسيد البدوي وكان الناس في ساحةِ الجامع حوالي الساعة الثانية صباحاً,لا أعرف ماذا يصنعون هنا .اعتزم أن آتي أحد أيام الموالد لأري ماذا يصنعون هنا.
اشترينا ساندويتشات وذهبنا فوق السطح مرةً أخري.حيث يحلو السَّمرُ وتنسابُ الضحكاتُ الشفافة والقهقهات العالية.
كانت ساندويتشات الفول بالسجقِ والطعمية بطنطا لها مذاقٌ خاصٌ خاصةً مع مثل هذا الصحبة الرائعة.
تحدثنا عن أشياء جيدة وأخري بها من القفشات القلشاتِ ما يكفي لأن يميتَ بلداً كاملاً.
تحدثنا عن الحبِّ,و تُدُوِلَتْ أفكارٌ عنه كثيرة.وتحدثنا عن شِقِّهِ الأخرَ وهو الجنس.
مدح يوسف مقال"عن الحب والجنس تماهي أم تناقض"وتحدثنا عنهُ وعما يدور فيه.
  تحدثنا عن ابن قتيبةَ وقوله في تلك المسألة.
ناقشنا بعدها قول ابن القيم في وضع المرأة والرجل عند ممارسة الجنس.
ورأي ابن القيم أن الرجلَ إذا لم يأخذ هو المبادرة أو أعطي المرأة فرصة أن تكون فوقهُ فهذا ينافي مبدأ القوامة للرجلْ.
بالطبع لم أوافق أنا علي هذا الطرح..وعندي مسألة التفرقة بين الذكر والرجل مسألةٌ كبيرةٌ وشائكة..لما يترتب عليها.
المهم تناقشنا ومزحنا كثيراً..مزحات و قفشات خاصةٌ بنا لن أوردها هنا..ولا تسألوا عنها إذ أنها من الممكن "إن تُبدَ لكم تسُؤكم".
رحتُ في نومٍ بسيط وقد لمتنا بطانيةٌ واحدة أنا وكريم..و استلحف بها باقي الرفاقْ.
قمنا ونزلنا لصلاةِ الفجر..انطلقنا نركبُ السيارة العائدةَ بنا إلي القاهرة..الصباحُ جميلٌ ورائعٌ وبديع.سلمنا علي يوسف واعداً إيانا أنه سيأتي القاهرة قريبا إن شاء الله..قال كريم إننا سنكررُ الليلة عنده الأسبوع القادم.فرحتُ كثيراً إذ أن مثل هذه الرفقةَ صعبٌ أن تجد مثلها..هم أناسٌ أضاءوا ظلام الجهلِ والبلادة المورقةِ هُنا في بلادنا..

قصرتُ في حَقِّ حبيبتي الليلة السابقة .لكنني كنت مع الرفاق..دوماً كانت ببالي ولم تذهب عن ناظري لحظةً واحدة.
انطلقت السيارة ورحتُ بنومٍ عميقْ.
حين وصلنا القاهرة..أتحفنا كريمُ ببعضِ شعرٍ للمتنبي   ومعشوقي أبو العلاء المعري..
نزلنا محطة المترو..هناك افترقنا أنا وكريم من ناحية ومصطفي من ناحية.
ركبنا وكريم معاً , ومحطتين ثم افترقنا..
كل ما بذهني الآن..أن ابتسم وأقول كم كانت ليلةً رائعة.
وأن أهاتف حبيبتي لأطمئنها أنني بالقاهرة..وفعلتُ.
 في النهاية:

يوسف عبد الجليل :كم أنت رائع,وكما قال محمد أجد فيك سقراطاً يتكلم وتلامذته يسمعونه.
محمد عبد العزيز:رائِعٌ أنتَ يا صديقي.أدامك الله لي صديقاً وحبيباً.
كريم:كم أعجبتني..وكم كانت قصائدكَ تهز وتراً داخلياً حساساً عندي.لي عندكَ دواوينُ عندما أزورك إن شاء الله.
مصطفي عشري:يا رفيق دربِ الآلام..أحبكَ جِدَّاً والله يا رفيقي..كُنْ بِخَيرْ وتَجَلَّدْ..فالله يحمِلُ لك الخير..فهو يُحِبُّكْ.
الأربعاء.
08:34م.
12/10/2011م.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق